
الملخّص:
تعرّض الكاتب في هذه المقالة إلى البحث في كتاب (كلمات سيد العرب أبي الحسن علي بن أبي طالبg)، وحول الأخبار التي وردت فيه ممّا تفرّد به هذا الكتاب ممّا نُسِب لأمير المؤمنينg، لمؤلّفه الأشرف الجعفري، وصنّف هذه الأخبار على طوائف، وبيّن أن بعضها موجود بمعناه في بعض الأخبار الأخرى.
مقدّمة:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، أحمدك ربّي ومالك أمري ومبلغ غايتي ومنتهى أملي، وأستعين بك وأستغفرك وأستهديك، وأصلّي وأسلّم على رسولك المصطفىe الذي بعثته هادياً ومبشِّراً ونذيراً، رحمةً بنا وإكراماً لنا، وعلى نفسِه وأخيه وابن عمّه أمير المؤمنينg وسيّد المتّقين وقائد الغرّ المحجّلين إلى جنّات النّعيم، وعلى زوجه الطَّاهرة النّقيّة المحدّثة العليمة سيدة نساء العالَمينj، وعلى أبنائهما الإمامَين النَّيِّرَين المنتجبَين السّبطَين الحسن والحسينh، وعلى الأئمة الغرّ الميامين الطَيّبين الطّاهرين من ذريّة الحسينi، وبعدُ:
فقد صدر قبل أيامٍ قليلة عن مكتبة العلَّامة المجلسيS بقم المقدَّسة كتابٌ لم يرَ النُّور من قبلُ، في 781 صفحة من جلده إلى جلده، تصنيف السيد الشريف أبو الحسن محمد بن طاهر الأشرف الجعفريّ، من أعلام القرن الخامس الهجري في أصفهان، وعقدت اللّجنة المحقّقة للكتاب جلسة افتتاحٍ له بمشاركة عددٍ من العلماء، يوم الأربعاء 7 ربيع الثاني لعامنا 1446 من هجرة النبي المصطفىe.
والكتاب بعنوان: "كلمات سيد العرب أبي الحسن عليّ بن أبي طالبٍg"، ومن هنا اكتسب قيمةً عاليةً، فإنَّ شيعة عليٍّ أمير المؤمنينg يتعبَّدون الله تعالى بذكر اسمه وفضائله ومناقبه وأخباره، وما أكثرها في الأسفار والمصنَّفات، منذ قديم الزمن، علاوة على كونه من الكتب القديمة، والتي ذكر محقّقها بأنّه صُنِّفَ زمن تصنيف >نهج البلاغة< للرَّضيّS، أو قبله، مع ذكر المحقّق بأنَّ الأشرف الجعفريّ هذا لم يحظَ بنسخةٍ لنهج البلاغة ولم يَرَهُ، حيث يقول: "وعلى ما يظهر من اختلاف نصوص الكتاب مع النصوص التي رواها السيدُ الرَّضي في كتاب (نهج البلاغة) يبدو أنّ المؤلّف لم يطّلع على كتاب (نهج البلاغة)، ولم يره. بل نحن نعلم أنّ بَدء وصول كتاب (نهج البلاغة) إلى إيران كان بيد الأديب اللغوي الكبير أبي يوسف يعقوب بن أحمد النّيسابوري [ت 474هـ] وأنّه قد أوصله بالتّحديد إلى خراسان، ولا([1]) إلى أصبهان، ولا ما حولها"([2]).
فلمّا حظيتُ باقتناء نسخةٍ لي انكببتُ على مطالعتها، ابتداءً بالمقدّمة التحقيقيّة التي كتبها المحقّق السيد حسن البروجرديّ، فلحظتُ بأنَّه يذكر انفراد الكتاب بجملةٍ من الأخبار لم ترد في غيره من الكتب، أو وردت من غير نسبتها لأمير المؤمنينg، أو وردت منسوبةً له، ولكن باختلافٍ في ألفاظها طولاً وقصراً، أو نحواً من هذه المعاني، فارتأيتُ أن أجمع ما أثبته المحقّقون ممّا انفرد به الكتاب، وأصنّفه على طوائف ثلاث:
الأولى: الأخبار التي خلت منها الكتب.
الثانية: الأخبار التي لم تُنسَب إليهg في الكتب.
الثالثة: الأخبار التي رويت عنهg بزيادة أو نقيصة.
وقد دعَاني -ممّا دعاني- لإنجاز هذه الخِدمة حبُّ أمير المؤمنينg، وكفى بها داعياً شريفاً ومراماً عالياً منيفاً، فإنَّا في هذه الدُّنيا لا نتّكِل على أعمالنا، بل نسوِّد صحيفة أعمالنا، ثم نوكلها إلى إمامنا، ومَن لزمه فإنَّه يلزمه، ولا يذره، ويقرّب مجلسه في رياض الله سبحانه وتعالى.
وأحسبُ أنَّ فيها خِدمَةً للباحثين، في مختلف الحقول العلميّة؛ أبرزها الحديثيّة والتَّاريخيّة، ورجائي أن يكون ظنّي في موضعه.
ثم إنَّه كان اعتمادي في الجمع هو استقرائي للكتاب كاملاً، ابتداءً من أصل الكتاب [ص107]، وانتهاءً إلى آخره قبل الفهارس الفنّية [ص584]، ناظراً ما يثبته المحقّقون في الهامش تخريجاً للخبر، فإنَّهم صدَّروا هذا القسم من الأخبار بالعبارات التالية:
- 1. لم نعثر([3]) عليه فيما لدينا من المصادر.
- 2. لم نعثر عليه بعينه وتمامه فيما لدينا من المصادر.
- 3. لم نعثر عليه بهذه الألفاظ فيما لدينا من المصادر.
- 4. لم نعثر عليه عنه فيما لدينا من المصادر.
- 5. لم نعثر عليه مرويّاً عنه فيما لدينا من المصادر.
- 6.لم نعثر عليه بتمامه فيما لدينا من المصادر.
- 7. لم نعثر عليه بتمامه مرويّاً عنه فيما لدينا من المصادر.
هذا، وإنّه قد يتبادر للأذهان بأنَّ معنى خلوّها من الكتب خلوّ معناها ومضمونها، غير أنَّ هذا ليس بمقصودٍ هنا؛ إذ إنَّ جملةً من الأخبار المرويّة في هذا القسم قد جاء معناها في الكتب الأخرى، إمَّا عن أمير المؤمنينg نفسه، أو عن غيره، إماماً كان أو غير ذلك، ولذا فقد ذيَّل المحقّقون في موارد متعدّدة ذكر المصادر التي ذكرت المضمون أو المعنى للخبر([4])، مع إثباتهم لكونهم لم يجدوه فيما لديهم من المصادر، ويريدون به: لم يجدوا لفظه، هذا ما فهِمتُه، والله هو العالِم.
ثم إنَّ المحقّق البروجردي يقول في مقدّمته صدرَ الكتاب: "ولقد قارنّا بين ما ورد في هذه المخطوطة من الروايات والنّصوص، وما ورد في سائر المصادر، فوجدناها على ثلاثة أقسام:
الأول: ما لم يرد في أيّ مصدرٍ من المصادر.
الثاني: ما ورد في المصادر، مع اختلافٍ كثير.
الثالث: ما ورد في المصادر بنصّه وفصّه.
ووجدنا أنَّ جملةً كبيرةً من كلمات هذا الكتاب جاءت على شكل القسم الأول والثاني، وأنَّ القسم الثاني هو العمدة بينهما في نقول المؤلّف".
وذكر في الحاشية تعليقاً على القسم الأول: "وهو حسب ما عدَّدناه أكثر من (40) كلمةً"، وعلى القسم الثاني: "وهو حسب ما عدّدناه يقرب من (70) كلمةً"([5]).
هذا، وإنّني لم أقف على مثل هذا العدد، بل مجموع ما أحصيتُه (73) خبراً في الطوائف الثلاث؛ ربّما لأنني لم أتفطّن للمعدود على حقيقته، وربّما -على ضعفٍ- فاتتني مواضع الاستقراء بتمامها، وعلى كلِّ حالٍ فسيظهر الصَّواب ولو بعد حين، والأمر سهلٌ.
وقد جعلتُ عنواناً انتزاعيّاً لكلِّ حديثٍ([6])، فما كان مأخوذاً من إضافات محقّقي الكتاب جعلتُه بين معقوفَين [ ]، وما كان منّي جعلتُه بين قَوسَين ( )؛ للفرق فحسب([7]).
وكلُّ ما كان تخريجاً لمصدرٍ أو إيعازاً لمرجعٍ فهو من جهود اللّجنة المحقِّقة للكتاب الأصل، وكذا ما كان شرحاً لغريب المفردات، فهو منهم زيدت بركاتهم.
وقد ذكر المحقّق في مقدّمته التي وسمها بعنوان: (مع كتاب كلمات سيد العرب للأشرف الجعفريّ، إطلالة على موضوعه ومخطوطه ونسبته)، ذكر مجموعة معلومات نافعة وتتبّعات ناجعة، يحسن بالمهتمّ الاطّلاع عليها، وممّا ذكره فيها الشخصيات التي برزت في نسبة كلام عليٍّ أمير المؤمنينg لها، وأتى بأربعةٍ: الحسن البصريّ [ت 110هـ]([8]) ، وعبد الله بن المعتزّ [ت 296هـ]، وعبد الله بن المقفّع [ت 406هـ]، وجعفر بن يحيى البرمكيّ.
هذه إطلالة مقتضبة على الكتاب، ولْنذكر نبذةً من ترجمة المصنِّف، متَّكئين فيها على المقدّمة الثانية للكتاب الموسومة بعنوان: (دراسةٌ في ترجمة الأشرف الجعفريّ)، بقلم: السيد العلاء الحسينيّ الموسويّ الدمشقيّ، فمن أراد مزيد الاستفصال فليعُد لها.
ترجمة الأشرف الجعفريّ:
هو محمد بن أبي الهيجاء طاهر (الملقَّب بكياكي) بن محمد بن جعفر بن يحيى بن محمد (ويدعى بالمفرَّج) بن القاسم العالم بن موسى بن إبراهيم بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن عليّ الزينبيّ بن عبد الله الجواد بن جعفر الطيَّار بن أبي طالب، الهاشميّ الطّالبيّ الجعفريّ الجَيلانيّ ثم الأصبهانيّ.
يُكنَّى بأبي الحسن، ويُلقّب بالأشرف، وغلب لقبه عليه حتّى لا يكاد يُذكر إلّا به، فيُقال: >الأشرف الجعفريّ<.
لا يُعرَف أين مسقط رأسه، أفي جَيلان أم أصبهان، وكذا لم يقف المترجم على تاريخ مولده وسنة وفاته، واحتمل أنّ ولادته كانت في عشر السّبعين وثلاثمائة، ووفاته كانت في عشر الأربعين وأربعمائة.
وله من الأولاد اثنان: ابنٌ واحد وهو أبو طالب المفضَّل، وبنتٌ واحدة وهي شمسُ النَّهار.
وأمَّا مشايخه ومَن أخذ عنهم فقد ذكر المترجِم أنّه لم يقف إلَّا على اثنين: أبو بكر بن المقرئ [ت 381هـ]، وأبو بكر محمّد الغزّال المؤدِّب.
وأمَّا مَن أخذوا عنه فثلاثةٌ كما ذكر: أبو عليّ الحسن الحدّاد [ت 515هـ]، وأبو الحسين يحيى بن الحسين الشجريّ [ت 473هـ]، وأبو طالب العمّي.
ويقول المترجِم في شأن مصنَّفاته: "لم نعرف له إلَّا مصنَّفاً واحداً، جمع فيه شيئاً من حديث أمير المؤمنينg وحِكَمه وأقواله، وجميعُه مجرَّدٌ عن الأسانيد" وهو كتابنا هذا.
وأما عن عقيدته، فمترجمُه السيدُ الدمشقيّ بعد ذكره لبعض القرائن يقول: "لم يعُد في تشيُّعه خُلْفٌ ولا نِزاع"، ولطالب الاستفصال أن يرجع لترجمته المفصّلة؛ علّه يبلغ ما بلغ المترجِم.
وبعد إجالة النّظر في المؤلَّف والمؤلِّف، نتوكّل على الله سبحانه بذكر ما عقدنا هذه الصحائف لأجله، فأقول:
الأخبار التي خلت منها الكتب:
[تَبِعَاتُ الكَذِب]
1. قالg: >إيَّاكَ وَالكَذِبَ، فَإنَّهُ وَهْنٌ لَا يُجْبَر، وَمَيْتٌ لَا يُحْيَا<([9]).
[مَنْزِلَةُ التَّوفِيقِ وَالعَقْل]
2. وَقَالَg: >التَّوفِيقُ مِنَ العَقْلِ بِمَنْزِلَةِ العَقْلِ مِنَ الحَيّ؛ فَالحَيُّ إنْ فَارَقَهُ العَقْلُ تَلَدَّدَ، وَالعَقْلُ إنْ فَارَقَهُ التَّوفِيقُ تَلَدَّد<([10]).
[مِنْ دُعَائِهِg]
3. وَكَانَ مِنْ دُعَائِهِg: >اللَّهُمَّ لَا تَكِلْنِي إلَى نَفْسِي فَأَعْجِزَ عَنْ مَصَالِحِي، وَلَا إلَى المَخْلُوقِينَ فَيَخْذُلُونِي، وَلَا إلَى الآرَاءِ فَتُرْدِيَنِي.
اللَّهُمَّ إنِّي سَعَيتُ إلَيكَ طَالِبًا، وَمِنْ كَثْرَةِ ذُنُوبِي هَارِبًا؛ فَأَسْأَلُكَ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ أَلَّا تَرُدَّنِي خَائِباً.
اللَّهُمَّ إنْ كَانَ قَصُرَ دُعَائِي عَنْ حَاجَتِي، أَو كَلَّ لِسَانِي عَنْ طَلَبِهَا، فَلَا يَقْصُرَنَّ بِي جُودُكَ وَكَرَمُكَ؛ فَإنَّكَ ذُو الفَضْلِ العَظِيم<([11]).
[الكَفُّ عَنِ الغَيظ]
4. وَقَالَg: >لَا تَغْضَبُوا فِي قَلِيلٍ كَرِهْتُمُوهُ؛ فَيُوقِعَكُمْ فِي كَثِيرٍ مِمَّا تَكْرَهُونَ. وَلَا تَشْفُوا غَيْظَكُمْ بِفَضِيحَةِ أَنْفُسِكُمْ، وَإنْ سَفِهَ عَلَيكُم سَفِيهٌ فَلْتَسَعْهُ أَخْلَاقُكُمْ<([12]).
[كَلَامُهُ فِي الصَّمْت]
5. وَقَالَg: >اِلزَمُوا الصَّمْتَ؛ فَإنَّهُ زَينٌ لِلْعَالِم، وَسَتْرٌ لِلْجَاهِلِ<([13]).
[مِنْ دُعَائِهِg]
6. وَكَانَ يَقُولُg فِي دُعائِهِ:
>إنْ تَعْفُ عَنِّي فَالعَفْوُ ظَنِّي، وَإنْ تُعَاقِبْ فَمَا تُعَاقِبُ بَرِيًّا. إنْ أَخَذْتَ أَخَذْتَ بِعَدْلٍ، وإنْ عَفَوتَ عَفَوتَ بِفَضْلٍ. مَنْ أَحْسَنَ فَبِرَحْمَتِكَ يَفُوزُ، وَمَنْ أسَاءَ فَبِخَطِيئَتِهِ يَهْلِكُ. لَا المُحْسِنُ اسْتَغْنَى عَنْ مَعُونَتِكَ، وَلَا المُسِيءُ غَلَبَكَ وَلَا نَجَا مِنْ حُجَّتِكَ.
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ، أَنْزِلْ بِظَالِمِي وَالمُسْتَحِلِّ لِحُرْمَتِي مِنْ شَدِيدِ بَأْسِكَ مَا تُضْعِفُ بِهِ قُوَّتَهُ، وَتَجْعَلُ شُغُلَهُ فِي بَدَنِهِ وَكَيدَهُ فِي ضَلَالٍ، وَمِنْ بَينِ يَدَيهِ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِ سَدًّا. وَاغْشَ بَصَرَهُ، وَأَغْفِلْ عَنْ ذِكْرِي قَلْبَهُ، وَأَخْرِسْ لِسَانَهُ، وَأَسْقِمْ بَدَنَهُ، وَحَوِّلْ نِعْمَتَهُ، وَاسْتَأْصِلْ شَأْفَتَهُ، وَاقْطَعْ أَثَرَهُ، وَامْحَقْ مُدَّتَهُ، وَاقْمَعْ رَأْسَهُ، وَأَمِتْهُ بِغَيْظِهِ. وَقِنِي شَرَّهُ وَضُرَّهُ وَغَمْزَهُ وَلَـمْزَهُ وَكَيْدَهُ، وَالْـمَحْهُ لَـمْحَةً تُدَمِّرُ بِهَا عَلَيهِ؛ فَإنَّكَ {أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا}<([14]).
[كَلَامُهُg فِي حُبِّ أَهْلِ البَيتِi وَبُغْضِهِم]
7. وَقَالَg: >إنَّ حُبَّنَا أَهْلَ البَيتِ حَسَنَاتٌ، وَبُغْضَنَا سَيِّئَاتٌ؛ فَالحَسَنَاتُ فِي الجَنَّةِ، وَالسَّيِّئَاتُ فِي النَّارِ. إنَّهُ لَا يُحِبُّنَا إلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُنَا إلَّا مُنَافِقٌ<([15]).
[أَضْيَعُ النَّاسِ رَأْيًا]
8. وَقَالَg: >إنَّ أَضْيَعَ النَّاسِ رَأْياً؛ مَنْ غَضِبَ عَلَى مَنْ لَا يُرْضِيهِ، وَعَاتَبَ مَنْ لَا يُسَاوِيهِ، وَجَالَسَ مَنْ لَا يُدْنِيهِ، وَاسْتَجَارَ بِمَنْ لَا يُؤْوِيهِ، وَتَفَاقَرَ لِمَنْ لَا يُغْنِيهِ، وَنَظَرَ فِيمَا لَا يَعْنِيه<([16]).
[إعْرَاضُهُg عَنِ الحُكُومَةِ وَعِلَّتُه]
9. وَاجْتَمَعَ عَلَيهِ المُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ لَـمَّا أُصِيبَ عُثْمَانُ، وَقَالُوا: لَابُدَّ مِنْ أَنْ تَقُومَ بِهٰذَا الأَمْرِ.
فَقَالَ لَهُم: >مَا لِي فِيكُم أَرَبٌ([17])، وَمَا لِي بِكُم حَاجَةٌ<.
فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيهِ قَامَ وَدَخَلَ مَنْزِلَ أَبِي النُّعْمَانِ الزُّرَقِيّ. فَتَبِعُوهُ، وَأَكْثَرُوا الكَلَامَ، وَقَالُوا: لَابُدَّ.
فَرَدَّ عَلَيهِم مِثْلَ الكَلَامِ الأَوَّل، ثُمَّ خَرَجَ، وَدَخَلَ مَنْزِلَ أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيّ، وَأَمَرَ بِالبَابِ فَأُغْلِقَ. فَرَفَعُوا البَابَ، وَأَلَحُّوا عَلَيهِ، وَخَاطَبَهُ الأَشْتَرُ بِكَلَامٍ مَعْرُوفٍ.
فَخَرَجَ وَأَتَى المَسْجِدَ، وَقَالَ لَهُم:
>أَيُّهَا النَّاسُ، أَنَا مُشِيرٌ وَمُعِينٌ خَيرٌ لَكُمْ مِنْ أَمِيرٍ. إنِّي أَرَى إنْ فَعَلْتُ ذٰلِكَ حَمَيْتُكُمْ وَنَفْسِي مَرَاتِعَ الدُّنْيَا، وَفَطَمْتُكُمْ عَنْ رَضَاعٍ صَابٍّ قَدْ تَمَطَّقْتُمْ([18]) بِحَلَاوَةِ عَاجِلِ دَرَّتِهِ، وَلَهَيتُمْ عَن غِبِّ([19]) آجِلِ تَبِعَتِهِ، وَهُنَاكَ التَّجَرُّعُ لِمَرَارَةِ الحَقِّ، وَالانْتِشَارُ لِتَقْدِيمِ المُسْتَحِقِّ، وَالمُبَادَاةُ بِعَدَاوَةِ الإخْوَةِ البَرَرَةِ؛ إذْ حِيلَ بَينَهُمْ وَبَينَ مَا يَشْتَهُونَ<.
فَلَمَّا أَبَوا عَلَيهِ وَأَلَحُّوا أَجَابَهُمْ إلَى البَيعَةِ، وَخَطَبَ الخُطْبَةَ المَعْرُوفَةَ التِي سَبَقَ الرَّجُلَانِ وَقَامَ الثَّالِثُ([20]).
[إخْبَارُهُg عَنْ مَقْتَلِ الحُسَينِg وَعَطَشِهِ]
10. وَلَمَّا خَرَجَ إلَى صِفِّينَ، ذَكَرَ عَبدُ اللهِ بْنُ نُجَيٍّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَتَتَبَّعُ مَوْضِعًا أَرَادَهُ، حَتَّى وَقَفَ عَلَيهِ، وَقَالَ:
>إنَّا للهِ وَإنَّا إلَيهِ رَاجِعُونَ. صَدَقَ رَسُولُ اللهِK؛ يَقْتُلُهُ رَجُلٌ يُوَجِّهُهُ يَزِيدُ، فَيُنَاصِبُهُ الحَرْبَ، فَيَقْتُلُهُ.
يَا نَجِيُّ، تَرَى هٰذَا الفُرَاتَ مَعَ كَثْرَةِ مَاءِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: يُمْنَعُ مِنْهُ حَتَّى يَمُوتَ عَطَشاً، وَيَبْلُغُهُ الكِلَابُ وَالخَنَازِيرُ<([21]).
[مِنْ حِكَمِهِg]
11. وَقَالg: >المَحْرُوفُ([22]) [لَهُمُ] المَحَارِمُ<([23]).
[بَنُو أُمَيَّةَ وَالخِلَافَة]
12. وَقَالَg فِي الخِلَافَةِ: >لَولَا أَنْ يَثِبَ عَلَيهَا تَيسٌ مِنْ تُيُوسِ بَنِي أُمَيَّةَ، يَبْتَغِي دِينَ اللهِ عِوَجاً، مَا عَرَضْتُ فِي شَيءٍ مِنْهَا<([24]).
[الهَوَى وَالغَفْلَة]
13. وَقَالَg: >يَا عَجَباً لِلعَقْلِ وَقُوَّتِهِ! كَيفَ يَغْلِبُهُ الهَوَى مَعَ قِلَّتِهِ؟! وَمَنْ هَبَّ مِنْ رَقْدَتِهِ سَعَى فِي فَكَاكِ رَقَبَتِهِ<([25]).
[التَّحْذِيرُ عَنِ التَّقْلِيدِ الأَعْمَى]
14. وَقَالَg: >إيَّاكُمْ وَالاسْتِنَانَ؛ يَقُولُ الرَّجُلُ: أَصْنَعُ مَا يَصْنَعُ فُلَانٌ، وَأَنْتَهِي عَمَّا يَنْتَهِي عَنْهُ فُلَانٌ<([26]).
[كَلَامُهُg فِي أَصْحَابِ الجَمَل]
15. وَسَمِعَg رَجُلاً يَقُولُ يَومَ الجَمَلِ: الكَفَرَ[ة] الكَفَرَ[ة].
فَقَالَg: >لَا تَقُولُوا ذٰلِكَ؛ إنَّمَا بَغَوا عَلَينَا، فَقَاتَلْنَاهُمْ عَلَى بَغْيِهِمْ<([27]).
[زِيْنَةُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء]
16. وَقَالَg: >مَا زَانَ الرِّجَالَ مِثْلُ الفَصَاحَةِ، وَلَا زَانَ النِّسَاءَ مِثْلُ الشَّعْرِ<([28]).
[عَلَاقَةُ الـمَوَدَّةِ بِالقَرَابَة]
17. وَقَالَg: >إذَا تَأَكَّدَتِ المَوَدَّةُ تَشَبَّهَتْ بِالقَرَابَةِ<([29]).
[صِفَةُ الوَعْد]
18. وَقَالَg: >الوَعْدُ أَوَّلُهُ عَطَاءٌ وَآخِرُهُ إنْجَازٌ<([30]).
[صِفَةُ التَّوَسُّط]
19. وَقَالَg: >التَّوَسُّطُ زِينَةُ العَقلِ<([31]).
[صِفَةُ الأَرِيب]
20. وَقَالg: >الأَرِيبُ مَنْ رَوَى مَحَاسِنَ النَّاسِ، وَكَفَّ عَنْ مَسَاوِئِهِمْ<([32]).
[العِزّ]
21. وَقَالَg: >قَرِينُ الثِّقَةِ بِاللهِ العِزُّ<([33]).
[وَلَدُ غَيرِك]
22. وَقَالَg: >وَلَدُ غَيرِكَ حَجَرٌ فِي حِجْرِكَ<([34]).
[صِفَةُ الأَدَب]
23. وَقَالَg: >الأَدَبُ مُلْكٌ مَجْدُودٌ<([35]).
[النَّهْيُ عَنْ مُصَاهَرَةِ الخُوزِ([36])]
24. وَقَالَg: >إيَّاكُمَ وَمُصَاهَرَةَ الخُوزِ؛ فَإنَّهُ لَا أمَانَةَ لَهُمْ، وَلَا وَفَاءَ بِعَهْدٍ. وَعَسَى أَنْ يُوْرِثُوا أَوْلَادَكُمُ البُخْلَ، وَأَقْسَمَ رَبِّي أَلَّا يَدْخُلَ الجَنَّةَ بَخِيلٌ<([37]).
25. وَقَالَg: >لَا تُنَاكِحُوا الخُوزَ، وَلَا تَسْتَرْضِعُوهُم؛ فَإنَّهُمْ يُوْرِثُونَ أَوْلَادَكُمُ البُخْلَ<([38]).
[مِنْ قِلَّةِ الإنْصَافِ]
26. وَقَالَg: >إنَّ مِنْ قِلَّةِ الإنْصَافِ رِضَا المَرءِ عَنْ فِعْلِهِ، وَسَخَطُهُ عَلَى غَيرِهِ؛ مَعَ عِلْمِهِ بِعُيُوبِ نَفْسِهِ<([39]).
[مِنْ دُعَائِهِg]
27. وَكَانَ يَقُولُg: >اللَّهُمَّ عَافِنَا فِي أَنْيَاطِنَا<. فَقِيلَ لَهُ: وَمَا هِيَ؟ فَقَالَ: >أمَا عَلِمْتَ أَنَّ مَنْ طُعِنَ فِي نَيْطِهِ صَفُقَ وَجْهُهُ، وَبَذُؤَ لِسَانُهُ، وَمَعَ هٰذَا فَلَا يُدَاوَى إلَّا بِمَعْصِيَةِ اللهِ!<([40]).
[الحَيَاةُ بَعْدَ المَوت]
28. وَقَالَg: >دَارُكَ أَمَامَكَ، وَحَيَاتُكَ بَعْدَ مَوتِكَ<([41]).
[ذَمُّ المِزَاحِ وَالمِرَاء]
29. وَقَالَg: >لَيسَ لِلمُمَازِحِ مُرُوءَةٌ، وَلَا لِلمُمَارِّ خُلَّةٌ<([42]).
[مَرَاحِلُ سِنِّ المَرْء]
30. وَسُئِلَg عَنْ سِنِّ المَرْءِ، فَقَالَ: >هُوَ صَبِيٌّ إلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَغُلَامٌ إلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ، وَحَدَثٌ إلَى سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَشَابٌّ إلَى ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ، وَكَهْلٌ إلَى سِتِّينَ، وَشَيخٌ إلَى ثَمَانِينَ، وَمَا بَعْدَ ذٰلِكَ هَرِمٌ خَرِفٌ<([43]).
[دِفْءُ أَطْرَافِ الجَسَد]
31. وَقَالَg: >مَنْ دَفِئَتْ أَطْرَافُهُ دَفِئَ سَائِرُ جَسَدِه<([44]).
[إدَامَةُ التَّبَسُّم]
32. وَقَالَg: >إدَامَةُ التَّبَسُّمِ مِنَ البِشْر<([45]).
[التَّوَكُلُ عَلَى الله]
33. وَقَالَg: >لَو تَوَكَّلَ عَبْدٌ عَلَى اللهِ لَأَكَلَ رِزْقَهُ مِنْ تَحْتِ قَدَمِهِ<([46]).
[اللَّيلَةُ التِي أُصِيْبَ فِيهَا]
34. وَخَرَجَg فِي اللَّيلَةِ التِي أُصِيْبَ فِيهَا؛ فَاسْتَقْبَلَتْهُ بَطٌّ، فَصِحْنَ فِي وَجْهِهِ، وَقَالَg: >بَطٌّ صَوَائِحُ، وَنِسَاءٌ نَوَائِح<([47]).
الأخبار التي لم تُنسَب إليهg في الكتب
[حَقِيقَةُ المُرُوَّة]
1. وَسُئِلَg عَنِ المُرُوَّةِ؟ فَقَالَ: >تَقْوَى اللهِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ<([48]).
[رَاحَةُ البَيْتِ وَالثَّوَب]
2. وَقَالَg: >رَاحَةُ البَيْتِ كَنْسُهُ، وَرَاحَةُ الثَّوبِ طَيُّهُ<([49]).
[مَثَلُهُg فِي الظَّالِمِ وَالمَظْلُوم]
3. وَقَالَg: >مَا قُصَّ مِنَ الظَّالِمِ جَنَاحُهُ إلَّا انْدَمَلَ مِنَ المَظْلُومِ جِرَاحُهُ<([50]).
ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
>انْظُرْ بِعَينِكَ هَلْ تَرَى مِنْ ظالِمٍ | إلَّا وَصَفْوَةُ عَيشِهِ تَتَكَدَّرُ! | |
اللهُ يُمْهِلُ، ثُمَّ يَأْخُذُ بَغْتَةً | وَلَهُ مُعَجَّلُ نِقْمَةٍ وَمُؤَخَّرُ<([51]) |
[كَلَامُهُg فِي التَّذْكِيرِ بِالآخِرَة]
4. وَقَالَg: >يَا بْنَ آدَم، كَيفَ تَتَكَلَّمُ بِالهُدَى وَأَنْتَ لَا تُفِيقُ عَنِ الرَّدَى؟! يَا بْنَ آدَم، أَصْبَحَ قَلْبُكَ قَاسِياً؛ فَلَو كُنْتَ بِاللهِ عَالِماً، وَبِعَظَمَتِهِ عَارِفاً، لَمْ تَزَلْ مِنْهُ خَائفاً، وَلِـمَوْعُودِهِ رَاجِياً. وَيْحَكَ! كِيفَ لَا تَذْكُرُ لَحْدَكَ، وَانْفِرَادَكَ وَحْدَك؟!<([52]).
[كَلَامُهُg فِي آلِ الزُّبَير]
5. وَقَالَg: >زَوِّجُوا آلَ الزُّبَيرِ؛ فَإنَّهُـ[ـمْ] أَكْفَاؤُكُمْ<([53]).
[أَثَرُ الـمِزَاح]
6. وَقَالَg: >المِزَاحُ يَأْكُلُ الهَيبَةَ<([54]).
[قُلُوبُ العُقَلَاء]
7. وَقَالَg: >قُلُوبُ العُقَلَاءِ حُصُونُ الأَسْرَارِ<([55]).
[حُضُورُ الأَجَل]
8. وَقَالَg: >إذَا حَضَرَ الأَجَلُ افْتَضَحَ الأَمَلُ<([56]).
[ذُلُّ العَزْل]
9. وَقَالَg: >ذُلُّ العَزْلِ يَضْحَكُ مِنْ تِيهِ الوَلَايَةِ<([57]).
[الوَلَد]
10. وَقَالَg: >الوَلَدُ أَفْقَرَكَ وَعَادَاكَ<([58]).
[حُسْنُ الصُّورَةِ وَالخُلُق]
11. وَقَالَg: >حُسْنُ الصُّورَةِ جَمَالٌ ظَاهِرٌ، وَحُسْنُ الخُلُقِ جَمَالٌ بَاطِنٌ<([59]).
[السَّيفُ وَالمُلْك]
12. وَقَالَg: >السَّيفُ حِصْنُ المُلْكِ، وَالمُلْكُ حِصْنُ الدُّنْيَا<([60]).
[أَجْوَدُ النَّاس]
13. وَقَالَg: >أَجْوَدُ النَّاسِ مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا، وَوَهَبَهَا لِغَيرِهِ<([61]).
[اسْتِحْقَاقُ الإِنْسَانِيَّة]
14. وَقَالَg: >يَسْتَحِقُّ الإنْسَانِيَّةَ مَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ<([62]).
[عَدَمُ العَدْل]
15. وَقَالَg: >مَنْ لَمْ يَعْدِلْ عُدِلَ فِيهِ<([63]).
[مَوَاقِعُ قَدَرِ الله]
16. وَقَالَg: >مَوَاقِعُ أَقْدَارِ اللهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ مَوَاقِعِ آمَالِكَ<([64]).
[العُسْرُ وَاليُسْر]
17. وَقَالَg: >بَعْدَ العُسْرِ يُسْرٌ<([65]).
[الحَاكِمُ لِنَفْسِه]
18. وَقَالَg: >مَنْ حَكَمَ لِنَفْسِهِ، حَكَمَ اللهُ عَلَيهِ<([66]).
[مَعْرِفَةُ عَقْلِ الرَّجُل]
19. وَقَالَg: >إذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ عَقْلَ الرَّجُلِ فَحَدِّثْهُ فِي خِلَالِ كَلَامِكَ بِمَا لَا يَكُونُ؛ فَإنْ أَنْكَرَهُ فَهُوَ عَاقِلٌ، وَإنْ صَدَّقَهُ فَهُوَ جَاهِلٌ<([67]).
[غُرُورُ النَّفْس]
20. وَقَالَg: >مَنْ غَرَّ نَفْسَهُ بِالطَّمَعِ الكَاذِبِ كَذَّبَتْهُ العَطِيَّةُ الصَّادِقَةُ<([68]).
[سِلَاحُ اللِّئَام]
21. وَقَالَg: >سِلَاحُ اللِّئَامِ قَبِيحُ الكَلَامِ<([69]).
[الخِيَانَة]
22. وَقَالَg: >الخِيَانَةُ خِزْيٌ وَهَوَانٌ<([70]).
[إحْرَازُ المَرْء]
23. وَقَالَg: >لَا يَحْرُزُ المَرْءَ مِنْ شَرِّ النَّاسِ إلَّا قَبْرُهُ<([71]).
[عَبْدُ غَيرِك]
24. وَقَالَg: >عَبْدُ غَيرِكَ حُرٌّ مِثْلُكَ<([72]).
[مِنْ حِكَمِهِg]
25. وَقَالg: >مَا حَكَّ جِلْدَكَ مِثْلُ ظُفُرِكَ<([73]).
[مِنْ آدَابِ الدُّعَاء]
26. وَقَالَg: >مَنْ أَحَبَّ أنْ يُسْتَجَابَ دُعَاؤُهُ فَلْيَقُلْ قَبْلَ الدُّعَاءِ: مَا شَاءَ اللهُ اسْتِكَانَةً للهِ، مَا شَاءَ اللهُ تَضَرُّعاً إلَى اللهِ، مَا شَاءَ اللهُ تَوَجُّهاً إلَى اللهِ، مَا شَاءَ اللهُ لَا قُوَّةَ إلَّا بِالله<([74]).
[شَرُّ الأَبْنَاءِ وَشَرُّ الآبَاء]
27. وَقَالَg: >إنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ رَضِيَ الآبَاءَ لِلأَبْنَاءِ فَلَمْ يُوصِهِمْ بِهِـ[ـمْ]، وَلَمْ يَرْضَ الأَبْنَاءَ للآبَاءِ فَأَوْصَاهُمْ بِهِـ[ـمْ].
وَإنَّ شَرَّ الأَبْنَاءِ مَنْ دَعَاهُ التَّقْصِيرُ إلَى العُقُوقِ، وَشَرَّ الآبَاءِ مَنْ دَعَاهُ البِرُّ إلَى الإفْرَاط<([75]).
[المَالُ الخَيرُ]
28. وَقِيلَ لَهُg: أَيُّ المَالِ خَيرٌ؟ فَقَالَ: >عَينٌ خَرَّارَةٌ فِي أَرْضٍ خَوَّارَةٍ، وَفَرَسٌ فِي بَطْنِهَا فَرَسٌ يَتْبَعُهَا فَرَسٌ<.
فَقِيلَ لَهُ: وَمَا الذَّهَبُ وَالفِضَّةُ؟ فَقَالَ: >حَبْلَانِ إنْ أُنْفِقَا نَفِدَ[ا]، وَإنْ تُرِكَا لَمْ يَزِدَا<([76]).
[الشُّكْرُ وَالإيمَانُ]
29. وَقَالَg: >سُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ مَعْرِفَةَ العَارِفِينَ بِالتَّقْصِيرِ عَنْ شُكْرِهِ شُكْراً؛ كَمَا جَعَلَ عِلْمَ العَالِمِينَ بِأَنَّهُمْ لَا يُدْرِكُونَهُ إيْمَاناً<([77]).
[المُعَاشَرَةُ فِي الأَزْمِنَةِ]
30. وَقَالَg: >سَالِمُوا الزَّمَانَ بِحُسْنِ المُعَاشَرَةِ، يَنْقَلِبْ لَكُمْ. وَلَا تُحَمِّلُوهُ شَطَطاً، فَتَعْصِفَ عَلَيكُمْ رِيحُهُ. وَذَرُوا مُعَارَضَتَهُ، لَا يُكَاشِفْكُمْ بِالمَكْرُوه. وَوَادِعُوهُ بِالرِّضَا، تَقِلَّ هُمُومُكُمْ؛ فَإنَّهُ إنِ اعْتَسَفَكُمْ لَمْ تَنْتَصِفُوا مِنْهُ، وَلَمْ يَدْفَعْ ضَيمَهُ عَنْكُمْ أَحَدٌ<([78]).
[مِنْ تَفْسِيرِهِg]
31. وَسُئِلَg عَنِ {الجَوَارِ الكُنَّسِ}(التكوير: 16)، فَقَالَ: >هِيَ النُّجُومُ السَّبْعَةُ الَّتِي لَا يَقْطَعُ المَجَرَّةَ غَيرُهَا؛ وَهِيَ: الشَّمْسُ وَالقَمَرُ وَعُطَارِدُ وَزُحَلُ وَالمُشْتَرِي وَالمِرِّيخُ وَالزُّهْرَة<([79]).
الأخبار التي رُوِيَت عنهg بزيادة أو نقيصة:
[مِنْ قِصَارِ كَلِمَاتِهِ]
1. وَقَالَg: >قُرِنَتِ الهَيبَةُ بِالخَيبَةِ، وَالحَيَاءُ بِالحِرْمَانِ، وَالفُرَصُ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ، وَالحِكْمَةُ ضَالَّةُ المُؤمِنِ، وَعَجْزُ المَرْءِ سَبَبُ الشَّقَاءِ<([80]).
[كَلَامُهُg لَمَّا مَرَّ بِقَومٍ كَانُوا يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْج]
2. وَمَرَّ [g] بِقَومٍ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ، فَقَالَ: {مَا هَـٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِي أَنتُم لَهَا عَـٰكِفُونَ}(الأنبياء: 52)؟!
ثُمَّ قَالَ: >عَجَباً لِقَومٍ أُمِرُوا بِالزَّادِ، وَنُودِيَ فِي أَسْمَاعِهِمْ بِالرَّحِيلِ، وَحُبِسَ أَوَّلُهُمْ عَلَى آخِرِهِمْ وَهُمْ يَلْعَبُون! أَلَا لَا أَلُومُكُم وَقَدْ رَكَنْتُمْ إلَى الدُّنْيَا، لَبِسْتُمُ العَمَائِمَ الرِّقَاقَ وَالمَطَارِفَ([81]) العِتَاقَ، وَطَلَبْتُمُ الإِمَارَاتِ، وَتَغَنَّمْتُمُ الأَمَانَات. أَهْزَلْتُمْ دِينَكُمْ وَأَسْمَنْتُمْ بَرَاذِينَكُمْ([82])، شَيَّدْتُمْ دُوْرَكُمْ وَضَيَّقْتُمْ قُبُوْرَكُم.
يَتَّكِئُ أَحَدُكُمْ عَلَى حَشَايَاهُ([83]) وَمَجْمَعُهُ السُّحْتُ وَمَأْكَلُهُ الحَرَامُ، فَيَدْعُوَ بِالحَارِّ بَعْدَ البَارِدِ، وَبِالحُلْوِ بَعْدَ الحَامِضِ، وَبِالرَّطْبِ بَعْدَ اليَابِسِ، حَتَّى إذَا كَظَّهُ الشِّبَعُ ظَلَّ يَتَجَشَّأُ؛ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِe: >إنَّ أَشَدَّ النَّاسِ جُوعاً يَومَ القِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا<.
ثُمَّ يَدْعُو بِالحَاطُومِ مِنَ الأَدْوِيَة. أَيْ وَيْلَكَ! إنَّمَا تَحْطِمُ دِينَكَ؛ غَدًا تَلْقَى نَدَمَكَ إذَا عَايَنْتَ عَمَلَكَ وَدُلِّيْتَ فِي حُفْرَتِك<([84]).
[كَلَامُهُg فِي وَصْفِ الدُّنْيَا وَأَهْلِ الزُّهْد]
3. وَقَالَg: >إنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ الدُّنْيَا طَرِيقَ مَسَافَةٍ، وَلَمْ يَجْعَلْهَا دَارَ إقَامَةٍ، وَلَهَا فِي كُلِّ حِينٍ قَتِيلٌ، وَالدَّوَاءُ مِنْهَا تَرْكُهَا، وَالغِنَى عَنْهَا فَقْرُهَا. هِيَ واللهِ كَالسَّمِّ يَأْكُلُهُ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ لِيُنَجِّيَهُ، وإنَّمَا حَتْفُهُ فِيه. فَكُنْ كَالمُدَاوِي جُرْحَهُ بِالاحْتِمَاءِ([85]) قَلِيلاً مَخَافَةَ مَا يَكْرَهُ طَوِيلاً، وَيَصْبِرُ عَلَى شِدَّةِ الدَّوَاءِ مَخَافَةَ طُولِ الضَّنَى([86]).
فَإنَّ أَهْلَ الفَضَائِلِ فِيهَا مَشْيُهُمْ بِالتَّوَاضُعِ، وَمَنْطِقُهُمُ الصَّوَابُ، وَمَطْعَمُهُمُ الطَّيِّبُ مِنَ الرِّزْقِ، قَدْ نَفَذَتْ أَبْصَارُهُمْ فِي الآجِلِ كَمَا نَفَذَتْ فِي العَاجِل؛ فَخَوفُهُمْ فِي البَرِّ كَخَوفِهِم فِي البَحْرِ، وَدُعَاؤُهُمْ فِي السَّرَّاءِ كَدُعَائِهِمْ فِي الضَّرَّاءِ. وَلَولَا الآجَالُ التِي كُتِبَتْ لَهُمْ لَمْ تَقِرَّ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ إلَّا قَلِيلًا؛ خَوْفًا مِنَ العِقَابِ، وَشَوقًا إلَى الثَّوَاب. عَظُمَ الخَالِقُ تَعالَى عِنْدَهُمْ، وَصَغُرَ المَخْلُوقُ فِيْ أَعْيُنِهِم.
وَاعْلَمْ -يَا بْنَ آدَمَ- أنَّ التَّفَكُّرَ يَدْعُو إلَى البِرِّ وَالعَمَلِ، وَأَنَّ النَّدَمَ عَلَى الشَّرِّ يَدْعُو إلَى تَرْكِهِ. وَلَيسَ مَا يَفْنَى وَإنْ كَانَ كَثِيراً بِأَهْلٍ أَنْ يُؤْثَرَ عَلَى مَا يَبْقَى وَإنْ كَانَ مَطْلَبُهُ عَزِيزاً.
وَاحْتِمَالُ المَؤُونَةِ المُنْقَطِعَةِ التِي تُعْقِبُ رَاحَةً طَوِيلَةً خَيرٌ مِنْ رَاحَةٍ تُعْقِبُ نَدَماً<([87]).
[كَلَامُهُg فِي التَّرْغِيبِ عَلَى الزُّهْد]
4. وَقَالَg: >إنَّ مِنْ أَعْوَنِ الأَخْلَاقِ عَلَى الدِّينِ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا، وإنَّ مِنْ أَوشَكِهَا رَدًى اتِّبَاعَ الهَوَى، وإنَّ مِنِ اتِّبَاعِ الهَوَى طَلَبَ المَالِ وَالشَّرَفِ، وإنَّ مِنْ طَلَبِ المَالِ وَالشَّرَفِ اسْتِحْلَالَ الحَرَامِ، وَمَنِ اسْتَحَلَّ الحَرَامَ فَقَدْ أَغْضَبَ اللهَ تَعَالَى، وإنَّ غَضَبَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ دَاءٌ لَا دَوَاءَ لَهُ إلَّا رِضَاهُ.
وَاعْلَمُوا أَنَّ مَنْ أَسْخَطَ نَفْسَهُ قَلِيلاً أَرْضَى رَبَّهُ كَثِيراً، وَمَنْ أَرْضَى رَبَّهُ قَلِيلًا أَرْضَاهُ اللهُ كَثِيراً<([88]).
[مِنْ نَصَائِحِهِg لِابْنِهِ الحَسَنِg]
5. وَقَالَg لِلْحَسَنِ ابْنِهِg: >يَا بُنَيَّ مَنْ سَنَّ سُنَّةً فَلْيَرْضَ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيهِ بِهَا، وَمَنْ سَأَلَ مَسْأَلَةً فَلْيَرْضَ مِنَ العَطِيَّةِ بِقَدْرِ بَذْلِهِ. وَلَا يَتْرُكَنَّ أَحَدٌ مُكَافَأَةَ مُكَافِئٍ؛ فَإنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ ثَوَاباً، وَلِكُلِّ عَمَلٍ جَزَاءً. وَمَنْ بَدَأ بِالظُّلْمِ فَهُوَ أَظْلَمُ، وَلَمْ يُشْطِطْ مَنِ انْتَقَمَ، وَالعَفْوُ عَنِ المُسِيءِ أَقْرَبُ مِنَ الفَضْلِ. وَعِنْدَ تَنَاهِي البَلَاءِ يَكُونُ الفَرَجُ. وَكُلُّ ذِيْ فَرَحٍ يَشْتَهِي دَوَامَ فَرَحِهِ. وَمِنَ الكِرَامِ تَكُونُ الرَّحْمَةُ، وَمِنَ اللِّئَامِ تَكُونُ القَسْوَةُ.
مَنْ كَرُمَ أَصْلُهُ لَانَ قَلْبُهُ، وَرَقَّ وَجْهُهُ، وَمَنْ خَبُثَ سِنْخُهُ غَلُظَتْ كَبْدُهُ. وَمَنْ عَاقَبَ بِالذُّنُوبِ تَرَكَ الفَضْلَ، وَمَنْ تَرَكَ الفَضْلَ نَقَصَ الحَظَّ، وَمَنْ لَم يَغْفِرْ لَمْ يُغْفَرْ لَهُ.
أَوْلَىٰ النَّاسِ بِالرَّحْمَةِ مَنِ احْتَاجَ إلَيْهَا وَحُرِمَهَا، فَعَلِمَ مَوقِعَ مَا حُرِمَ مِنْهَا. وَمَنْ عَفَا اسْتَحَقَّ عِنْدَ مَنْ أَذْنَبَ العَفْوَ.
لَا مُلْكَ أَكْرَمُ مِنْ مُلْكِ كَرِيمٍ، وَلَا قُدْرَةَ أَلْأَمُ مِنْ قُدْرَةِ لَئِيمٍ.
مَنْ كَانَ فِيْ نِعْمَةٍ لَمْ يَدْرِ مَا قَدْرُ البَلِيَّةِ، وَمَنْ لَمْ يَدْرِ قَدْرَهَا لَمْ يَرْحَمْ أَهْلَهَا. مَنْ طَمِعَ تَاقَتْ نَفْسُهُ، وَمَنْ تَاقَتْ نَفْسُهُ سَهَا عَقْلُهُ، وَمَنْ سَهَا عَقْلُهُ فَسَدَتْ عَلَيْهِ عِيشَتُهُ، وَمَنْ فَسَدَتْ عَلَيْهِ عِيشَتُهُ كَانَتْ رَاحَتُهُ فِي المَوتِ، وَالمَوتُ أَرْوَحُ مَا هُرِبَ مِنْهُ إلَيهِ. اليَأْسُ سَبَبُ كُلِّ رَاحَةٍ.
الأَمَلُ مَبْسُوطٌ، وَالأَجَلُ مَحْدُودٌ، وَخَيرُ الخَيرِ مَا كَانَ أَعْجَلَهُ.
يَنْمِي القَلِيلُ فَيَكْثُرُ، وَيَضْمَحِلُّ الكَثِيرُ فَيَذْهَبُ<([89]).
[مِنْ نَصَائِحِهg لِابْنِهِ الحُسَينِg عِنْدَ وَفَاتِهِ]
6. وَلَـمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ دَعَا بِابْنِهِ الحُسَينِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيهِ، فَقَالَ:
>يَا بُنَيَّ، قَدْ نَظَمْتُ لَكَ جَوَامِعَ مَا فِيهِ صَلَاحُ نَفْسِكَ؛ فَاسْتَفْتِحِ اللهَ مَسَامِعَ عَقْلِكَ، تَفْهَمْ مَا أَوْصَلَتْهُ إلَيكَ التَّجَارِبُ.
وَاعْلَمْ -يَا بُنَيَّ- إنَّ مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ رَبِحَ، وَمَنْ غَفَلَ عَنْهَا خَسِرَ، وَمَنْ نَظَرَ فِي العَوَاقِبِ نَجَا، وَمَنْ أَطَاعَ الهَوَى ضَلَّ. وَمَنْ لَمْ يَحْلُمْ نَدِمَ، وَمَنْ صَبَرَ غَنِمَ، وَمَنْ خَافَ أَمِنَ، وَمَنْ رَجَا شَيئاً انْدَرَجَ، وَمَنِ اعْتَبَرَ أَبْصَرَ، وَمَنْ أَبْصَرَ فَهِمَ، وَمَنْ فَهِمَ عَلِمَ.
يَا بُنَيَّ، إنَّ مِنَ العَجَلَةِ النَّدَامَةَ، وَفِي التَّأَنِي السَّلَامَةَ. زَارِعُ البِرِّ يَحْصُدُ السُّرُورَ. القَلِيلُ مَعَ القَنَاعَةِ أَغْنَى مِنَ الكَثِيرِ. صَاحِبُ الصِّدْقِ مُوَفَّقٌ، وَقَرِينُ الكَذِبِ مَخْذُولٌ. صَاحِبُ العَقْلِ مُغْتَبَطٌ. صَدِيقُ الجَاهِلِ تَعِبٌ. إذَا زَلَلْتَ فَأَقْلِعْ، وَإنْ أَسَأْتَ فَانْدَمْ، وَإنْ مَنَنْتَ فَاكْتُمْ، وَإنْ مُنِعْتَ فَأَجْمِلْ. مَنْ أَسْلَفَ الـمَعْرُوفَ كَانَ رِبْحُهُ الحَمْدَ. مَنْ أَقْرَضَكَ الثَّنَاءَ فَأَقْرِضْهُ الصَّنِيعَةَ. مَنْ بَدَأَكَ بِبِرِّهِ فَقَدْ شَغَلَكَ بِشُكْرِهِ. مَنْ قَنِعَ بِمَا أُوتِيَ طَابَ عَيْشُهُ، مَنْ رَضِيَ بِمَا رُزِقَ قَلَّتْ إلَى النَّاسِ حَاجَتُهُ. مَنْ حَمِدَ اللَّئِيمَ وَضَعَ الثَّنَاءَ فِي غَيرِ مَوْضِعِهِ. مَنْ شَكَرَ القَلِيلَ اسْتَوجَبَ الكَثِيرَ. مَنْ يَعْمَلُ لِلْمَنْفَعَةِ لَا يَهْتَمُّ بالْعَاقِبَةِ.
يَا بُنَيَّ، أَدَبُ الحَمْقَى أَشَدُّ مِنْ مُعَالَجَةِ المَرضَى. لَا يَصْبِرُ عَلَى الحَقِّ إلَّا مَنْ عَرَفَ فَضْلَ عَاقِبَتِهِ<([90]).
[الخُشُوعُ وَالقَنَاعَة]
7. وَقَالَg: >مَنْ كَانَ قَلْبُهُ لَا يَخْشَعُ لَمْ يَنْتَفِعْ مِنَ العِلْمِ بِمَا يَسْمَعُ، وَمَنْ كَانَ مِنَ الدُّنْيَا لَا يَشْبَعُ لَمْ تَنْفَعْهُ كَثْرَةُ مَا يَجْمَعُ<([91]).
[كَلَامُهُg فِي مَعْرِفَةِ اللهِ تَعَالَىٰ]
8. وَسَأَلَهُ رَجُلٌ: كَيفَ كَانَ رَبُّنَا؟
فَقَالَg: >كَيفَ لَمْ يَكُنْ رَبُّنَا؟! لَمْ يَزَلْ تَعَالَىٰ دَائِماً. يُقَالُ لِشَيءٍ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ كَانَ: كَيفَ؟ فَأَمَّا رَبُّنَا تَعَالَىٰ فَهُوَ قَبْلَ القَبْلِ، وَقَبْلَ كُلِّ شَيءٍ. انْقَطَعَتِ الغَايَاتُ عِنْدَهُ؛ فَهُوَ غَايَةُ كُلِّ غَايَة<.
قَالَ: كَيفَ عَرَفْتَهُ؟
قَالَ [g]: >عَرَفْتُهُ بِمَا عَرَّفَ بِهِ نَفْسَهُ، مِنْ غَيرِ رُؤيَةٍ؛ نُورُ الظَّلَامِ وَأُنْسُ الأَيَّام، {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}(الإخلاص: 3-4). لَا يُدْرَكُ بِالحَوَاسِّ، وَلَا يُقَاسُ بِالنَّاسِ. مُتُدَانٍ فِي عُلُوِّهِ، عَالٍ فِي دُنُوِّهِ. {مَا يكُونُ مِن نَّجوَىٰ ثَلَـٰثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُم وَلَا خَمسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُم وَلَا أَدنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُم أَينَ مَا كَانُوا}(المجادلة: 7). قَرِيبٌ غَيرُ مُلْتَصِقٍ، وَبَعِيدٌ غَيرُ مُتَقَصٍّ. يُعْرَفُ بِالعَلَامَاتِ، وَيُثْبَتُ بِالآيَاتِ. يُوَحَّدُ وَلَا يُبَعَّضُ، يُحَقَّقُ وَلَا يُمَثَّلُ؛ لَا إلٰه إلَّا اللهُ الكَبِيرُ المُتَعَال<([92]).
خاتمة:
يقولُ مسوِّدُ هذه الصُّحُف >أبو محمَّد رضا< أحمد نصيف، عفا الله الكريم عنه ووالدَيه وأساتذته وأهله بعفوه المنيف: جمعتُ هذه الدُّرَر، المنسوبة لأبي الأئمّة الميامين الغُرَر، عليٍّ سيد العرب بل كلّ البشر، سوى رسولنا الأمجد مولى الخلائق ما بطن منها وما ظهر، في بضع مجالس ختامُها ظهيرة الخميس لعشرٍ بقِينَ من ثاني الرَّبيعين، لستّةٍ وأربعين وأربعمائةٍ وألف، من هجرة الحبيب المصطفى محمَّدe، بدار الهجرة قم الطّيّبة، حماها الله وحرسها وأهلها بمحمَّدٍ وآلهi.
([1]) زيدت الواو سهواً، والصواب حذفها.
([2]) مقدمة الكتاب، 45.
([3]) عبّر المحقّقون في الموارد هذه بعدم العثور، والأصحّ أن يقال: عدم وجود، أو شيئاً بهذا المعنى؛ لأنَّ أصل (ع ث ر) في اللُّغة من عثرة الرجل، أي سقوطه دون اختيار، ثم حُمِلَ هذا المعنى على سقوط القارئ على معنًى من المعاني دون اختياره، واللّجنة المحقّقة قد بذلت كلّ ما بوسعها تحقيقاً وبحثاً وتنقيباً، ثم لم تظفر بالخبر، فالأولى استبدال الاصطلاح، وكذلك صنعتُ، والأمر على أيّة حالٍ سهلٌ.
([4]) ونحن سنشير لما ذكروه في ذيل هاتيك الأخبار، في الطائفة الثانية.
([5]) مقدمة الكتاب، ص45.
([6]) ما خلا موضعاً أو اثنين.
([7]) والأخبار التي أنا جعلتُ لها عنواناً ابتَدَأَتْ عِندَ قَولِ المصنِّف الجعفريّ في (ص434): "ومن منثور كلامه صلوات الله عليه"، وأخذ يسردها واحداً تلو الآخر دون أن يصدّرها بقوله: "وقالg" كما صنع في بقية أخبار الكتاب، إلى أن انتهى منها في (ص485)، وبحسب عَدَدِها في الكتاب فإنها تبدأ من (الرقم 378) وتنتهي عند (الرقم 567)، فيكون مجموعها (190 خبراً)، وكلّها أخبار قصيرة لا تكاد تبلغ غير السَّطر الواحد.
([8]) سنوات الوفيات أثبتّها عن المحقّق نفسه من مقدّمته.
([9]) الكتاب، ص112.
([10]) المصدر نفسه.
([11]) الكتاب، ص117-118.
([12]) الكتاب، ص329.
([13]) الكتاب، 330؛ وانظر: عيون الحكم والمواعظ، ص392.
([14]) الكتاب، ص332.
([15]) الكتاب، ص339. وانظر مضمون الفقرة الأولى منه في: الأصول الستة عشر، ص117؛ المحاسن، البرقي، ج1، ص69 وص150. ونُسِبَ مضمون الفقرة الثانية إلى رسول اللهe في مناقب الإمام أمير المؤمنينg للكوفيّ، ج2، ص181 وص658؛ علل الشرائع، الصدوق، ج1، ص3 وص141، وإلى الإمام الباقرg في مناقب آل أبي طالب، ج3، ص36، وإلى الإمام الصّادقg في دعائم الإسلام، القاضي النّعمان ج1، ص71.
([16]) الكتاب، ص340.
([17]) الأرب: الحاجة المهمّة، انظر العين، الفراهيدي، ج8، ص289.
([18]) التمطّق: التذّوق، وهو أن يًطبِق إحدى الشفتين على الأخرى مع صوتٍ يكون بينهما، انظر: تهذيب اللغة، ج9، ص36.
([19]) غِبُّ كلّ شيءٍ عاقبتُه. انظر: الصّحاح، ج1، ص19.
([20]) الكتاب ص367-368. ومن المصادر التي روت قضيّة اجتماع النّاس حول أمير المؤمنينg للبيعة بعد قتل عثمان إجمالاً أو تفصيلاً فضائل الصّحابة، أحمد بن حنبل ج،2 ص537/969؛ نهج البلاغة، ص136/92؛ وغيرهما.
([21]) الكتاب ص390.
([22]) فلانٌ يحرف لعياله، أي: يكسب، انظر المحيط في اللغة، ج3، ص83.
([23]) الكتاب، ص391.
([24]) الكتاب ص391-392، وانظر هذا المضمون في أنساب الأشراف، ج2، ص37 وص103؛ معجم ابن الأعرابي، ج2، ص706 وص1432؛ الغارات، ج1، ص195.
([25]) الكتاب، ص408.
([26]) الكتاب، ص412.
([27]) الكتاب، ص415.
([28]) الكتاب، ص434.
([29]) الكتاب، ص440.
([30]) الكتاب، ص444.
([31]) الكتاب، ص449.
([32]) الكتاب، ص455.
([33]) الكتاب، ص465.
([34]) الكتاب، ص474.
([35]) الكتاب، ص485، وانظر تحف العقول، ابن شعبة الحرّاني، ص202؛ نثر الدرّ، الآبي، ج1، ص194.
([36]) هذا، والأولى أن يكون العنوان: علّة النهي عن مصاهرة الخوز واسترضاعهم.
([37]) الكتاب ص496.
([38]) المصدر نفسه.
([39]) المصدر نفسه.
([40]) الكتاب، ص515.
([41]) الكتاب، ص538.
([42]) الكتاب، ص559.
([43]) المصدر نفسه.
([44]) الكتاب، ص560.
([45]) الكتاب، ص565.
([46]) الكتاب، ص566.
([47]) الكتاب، ص567.
([48]) الكتاب، ص134. هذا وقد ورد شيءٌ من مضمون هذا الخبر في كتابَي: عيون الحكم والمواعظ، ص469 (رقم 8570)؛ غرر الحكم، ص822 (رقم 183)، وجاء فيهما بهذا اللفظ: >مِنْ أَفْضَلِ المُرُوَّةِ صِلَةُ الرَّحِم<، وإنما نظمتُ هذا الخبر في سلك هذه الطائفة الثانية وكان حقّه أن يكون في الأولى؛ باعتباره لم يُروَ بلفظه عن أمير المؤمنينg، ولا عن غيره، مع وجود شيءٍ من مضمونه في الكتابَين المذكورَين، إنما فعلتُ ذلك لأنّ محقّقي الكتاب علّقوا عليه بقولهم: "لم نعثر عليه عنهg فيما لدينا من المصادر"، وإنما جرى تعليقهم هذا في الموارد التي روي الخبر فيه عن غير أمير المؤمنينg، فلعلّها غفلةٌ عن غير قصدٍ، ولكنّنا على كلٍّ حالٍ لن نزيله من هذه الطائفة ونجعله في تلك، إلى أن يتبيّن الحقّ.
([49]) الكتاب، ص147.
([50]) الكتاب، ص285.
([51]) الكتاب، ص285.
([52]) الكتاب، ص307.
([53]) الكتاب، ص392.
([54]) الكتاب، ص438.
([55]) الكتاب، ص439.
([56]) الكتاب، ص441.
([57]) الكتاب، ص443.
([58]) الكتاب، ص446.
([59]) الكتاب، ص448.
([60]) الكتاب، ص449.
([61]) المصدر نفسه.
([62]) الكتاب، ص450.
([63]) المصدر نفسه.
([64]) المصدر نفسه.
([65]) المصدر نفسه.
([66]) الكتاب، ص451.
([67]) الكتاب، ص452.
([68]) الكتاب ص455.
([69]) الكتاب ص456.
([70]) الكتاب، ص457.
([71]) الكتاب، ص462.
([72]) الكتاب، ص473.
([73]) الكتاب، ص474.
([74]) الكتاب، ص495.
([75]) الكتاب، ص518.
([76]) الكتاب، ص518-519.
([77]) الكتاب، ص526.
([78]) الكتاب، ص528.
([79]) الكتاب، ص559-560.
([80]) الكتاب، 2ص211.
([81]) المطارف: أرْديةٌ من خزٍّ، مربّعة، لها أعلام، انظر الصّحاح، ج4، ص1394.
([82]) البِرْذَون: الدّابة، وجمعه براذين، انظر الصّحاح، ج5، ص2078.
([83]) الحَشِيّة: واحدة الحشايا، وهي فراش المحشُوّ، انظر: العين، ج3، ص26.
([84]) الكتاب، ص299-300.
([85]) الاحتماء: الامتناع، انظر شمس العلوم، ج3، ص1589.
([86]) الضّنى: الأوجاع المخفية، انظر: تهذيب اللغة، ج12، ص48.
([87]) الكتاب، ص300-301.
([88]) الكتاب، ص303-304.
([89]) الكتاب، ص315-316.
([90]) الكتاب، ص379-381.
([91]) الكتاب، ص408.
([92]) الكتاب، ص412-413.
0 التعليق
ارسال التعليق